الخميس، 22 يناير 2009

اللوحة

أراه هناك ...
جالسا على قارعة الطريق ... برد يتسلل ببطئ شديد إلى أوصاله...جوع يأبى إلا أن يلتهم معدته... وعطش اتخذ من حلقه الجاف ذبيحا... وخوف يحيط به من كل جانب... من حوله دماء جافة يغذيها نهر من دماء جديدة...
في عينيه رأيت كل اندهاش وسؤال... وفجأة إذ بعيناه تقع على شابة حسناء تناديه من بعيد ودون أدنى وعي تسابقت قدماه إليها... ولا ألومه على ذلك...فعيناها اللتان تصبان فيهما كل أنهار الجمالتنظران إليه بتمعن وتناديه بلعفة... عانقها بشدة... رأيته ينتشي رائحة صدرها...يذوب بملمس وجهها...
وجد في صدرها الدفئ والحنان اللذان تاها في غفلة منه... وفي غمرة الحب والعناق اقترب منها فلم يستطع مقاومة ذلك الجمال وإذ بصوت غريب مخيف قادم من بعيد... تشبثت به بقوة وكأنها تطلب منه أن يحميها من مجهول لا يعرفه... ولكنه لم يسأل وسارع بالإلتفاف حولها لحمايتها...
جاءوا...دفعوه أرضا وأخذوها... رأيت دموعه تنهمر سمعت صوت صراخه واستنجاده...
-أن لا تأخذوها... أحببتها عشقتها غرقت في مقلتيها أعطتني الأمان وانا خائف والدفئ وأنا ضحية البرد القارس والمأوى وأنا الشارد التائه...
وفجأة لم أعد أسمع صوت صراخه...غصّ بدموعه... إغتصبوها أمام ناظريه... استنجدت به ... حاول النهوض ولكن الأرض كبّلت قدماه...لعينة تلك الأرض الآسرة ...
-انتظريني حبيبتي يا ملجئي...
ولكن إلى متى ستنتظر؟؟!!
لا بأس ...لا بأس يا عمري الضائع الصارخ من سنين الألم والقهر والعذاب
لابأس انتظريه يا حبيبة قد يحرر نفسه يوما ويأتي لتحريرك ...
وعندها ... يهزني رجل بشدة... إنه حارس المتحف... نظرت حولي وإذا أنا أمام لوحة جميلة غامضة في معرض للصور... نظر إليّ الرجل بغرابة وابتسم دون أن يعلم أني نسجت من تلك اللوحة التي يحرسها رواية مؤلمة وعشت بين ثناياها... رواية وطن
ولكن

هناك تعليقان (2):

  1. كيف استطاع العيش بعد أن اتصبوها أمامه

    ردحذف
  2. كما استطعنا نحن أن نعيش وهي مسلوبة منا نحن وهو وجهان لعملة واحدة...
    أهلا بك هنا

    ردحذف